اعلان

مجرد رأي.. الفن والعفن

2024-03-12T17:31:15+00:00
2024-03-16T18:11:30+00:00
كتاب واراء
12 مارس 2024
مجرد رأي.. الفن والعفن
رابط مختصر
حسن مناوي

حسن مناوي

عندما تفتح جهاز التلفاز في رمضان، فأنت لا محالة، تبحث عن متنفس للاسترخاء، هاربا من رتابة الحياة أو لاجئا لعالم افتراضي يؤنسك، أو باحثا عن ملاذ يغنيك عن قتامة العيش في زمن الحروب والكروب…
لكن وبمجرد فتحه تستشعر وكأنك في بلد أخر، في قارة أخرى لا علاقة لك بها، مسلسلات تركية مدبلجة بلكنة شرق أوسطية ركيكة، وأخرى كورية أو يابانية تستوحي تيماتها وموادها من مرجعيات لا تمت لك بصلة…
تجد نفسك أمام جهاز يمول من ضرائب المواطنين، لكنه يتقيأ عليك بمواد تحمل التفاهة والحموضة، يصيبك بالغثيان والإسهال..
لا برامج تثقيفية، لا أخبار، لا مسلسلات ولا أفلام محلية، الكل مستورد، قنوات تعطيك الانطباع أنك مواطن لاجئ، أو منفي في بلد ليس لك..
في كل موعد لرمضان، تجد نفسك تجتر وتستهلك نفس الخردة من البرامج، من مسلسلات منتهية الصلاحية، نفس التيمات والوجوه، بل حتى الممثلين والفنانين الموهوبين طالهم حيف وجور سلطة المال والإشهار، ليعوضو بما يسمى اعتباطا بالمؤثرين… وهنا أفتح قوسا كبيرا.. عن أي تأثير يتحدثون؟؟
عندما تتناول الدراما التركية ملاحم كالمؤسس أرطغل أو عثمان أو سليمان، أو صولات وجولات فاتح القدس صلاح الدين الأيوبي في مسلسلات تاريخية محبوكة القصة، متقنة الإخراج والتصوير… أتساءل عن هذا العقم المخيالي والفكري الذي أصاب كتابنا وشعراءنا ومفكرينا، وهذه المحدودية في اختيارات التيمات والموضوعات..
أصبحنا إزاء حوارات وجمل باردة، دلالاتها نمطية ومعجمها عروبي مبتذل، وموسيقاها فلكلورية شعبية ساقطة (الشطيح والرديح)،
أصبح الفن مهنة من لا مهنة له، مشتلا لتفريخ أشباه ممثلين ومغنيين، توارى أب الفنون حد الموت، وأغلقت دور السينما، وهمشت دور الشباب، وبما أن الطبيعة لا تحب الفراغ، فقد استأسدت التفاهة والعفن، وغزت النخاسة سوق الفن…
أصبحنا تحت رحمة شناقة وسماسرة رمضان، مستشهرون وشركات إنتاج، همهم الوحيد هو نسب المشاهدة، بغض النظر عن الجودة والكفاءة والأهلية، فرفقا بهذا الجمهور ومن الفن ما قتل.
بقلم: حسن مناوي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.