في إطار استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030” التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، قام السيد عبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، بزيارة عمل ميدانية إلى إقليم جرادة يوم الثلاثاء 15 أكتوبر 2024، برفقة السيد مبروك ثابت، عامل الإقليم بهدف تقييم مدى تقدم المشاريع التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز المرونة البيئية في المنطقة.
وقد تمحور برنامج هذه الزيارة حول عدة مشاريع رئيسية تهدف إلى الاستغلال المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز القطاعات الاقتصادية المحلية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وكذلك تدبير النظم البيئية الغابوية بطريقة مستدامة. ومن بين هذه المبادرات، نذكر مبادرة إعادة تأهيل المنتزه الطبيعي “الشخار”، وغرس أشجار الخروب في إطار نموذج تدبير تشاركي مع التعاونيات المحلية، وتطوير تربية الأحياء المائية في وسط صحراوي، بالإضافة إلى دعم سلاسل سهوب إكليل الجبل أو ما يعرف بالأزير ونبات الحلفاء.
وتعكس هذه المشاريع تبني نهج شمولي متكامل الابعاد مبني على مقاربة تشاركية يدمج، أي النهج، بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة، مع تعزيز القدرة على التكيف مع التحديات المناخية.
إطلاق مشروع المنتزه الطبيعي “الشخار”
سينطلق مشروع تأهيل المنتزه الطبيعي “الشخار” سنة 2025 بميزانية تقدر ب 80 مليون درهم، يرمي إلى إعادة تأهيل الأصناف المحمية، وإحداث بنية تحتية تخدم السياحة البيئية، مما يعزز الاقتصاد المحلي من جهة ويحافظ على التنوع البيولوجي من جهة أخرى. ويأتي هذا المشروع بناءً على نتائج دراسات وأبحاث عمومية متعلقة بإنشاء هذا المنتزه الطبيعي، أطلقت بقرار من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وقد تم خلال هذه التظاهرة، إعادة استيطان عدد من الأصناف المهددة كالغزال الجبلي gazelle de cuvier والأروي mouflon à manchettes والحفاظ على الموائل الطبيعية وإعادة تأهيلها لدعم التنوع البيولوجي.
التثمين المستدام للخروب بمنطقة المحصر
يتبنى هذا المشروع الرائد الممتد على مساحة 330 هكتار من الخروب بمنطقة المحصر، بغلاف مالي يناهز 7,3 مليون درهم، نموذجًا يشرك التعاونيات المحلية اعتمادا على مقاربة تشاركية. ويساهم هذا النموذج في تثمين الأراضي مع توفير دخل للتعاونيات من خلال الاستغلال الحصري للموارد الطبيعية. وفي نفس السياق تم تسليم شيك بقيمة 204.000 درهم لتعاونية “خيرات” بدوار مساعدة، دعماً لهذه الجهود.
إنعاش تربية الاحياء المائية بالمياه البرية في البيئة الصحراوية
تم تسليط الضوء على تربية الأحياء المائية في البيئة الصحراوية من خلال مشروع دعم يهدف إلى تعزيز تربية الأحياء المائية المتكاملة. ويهدف هذا المشروع إلى تطوير إنتاج الأحياء المائية من خلال إدماج تربية الأسماك في أحواض الري بالإقليم، وتعزيز زراعة الطحالب مثل السبيروليناspiruline أو غيرها لفائدة الشباب والنساء.
ويعتمد المشروع الذي تبلغ ميزانيته 25 مليون درهم على مدى ثلاث سنوات، على أربع لبنات رئيسية تتجلى في: إنشاء مركز تميز لإنتاج الأحياء المائية وتدريب العاملين في هذا المجال، ودعم الأنظمة الإنتاجية السوسيو-اقتصادية الملائمة للبيئة الصحراوية، وأيضا إنعاش مقاولات تربية الأحياء المائية في المياه البرية، وتشجيع السياحة البيئية المتعلقة بالصيد.
تطوير سلاسل انتاج إكليل الجبل ونبتة الحلفاء
وبهذه المناسبة، تم إطلاق مشروع بقيمة 121,61 مليون درهم يهدف إلى حماية وتأهيل وتثمين مساحات إكليل الجبل ونبتة الحلفاء. وسيمكن هذا المشروع في إشراك التعاونيات الغابوية المحلية في التدبير المستدام لهذه الموارد الطبيعية، مما يوفر فرصًا للتنمية السوسيو-اقتصادية.
برنامج تدخلات بيولوجية
تم خلال هذه التظاهرة الكشف عن برنامج مخصص لتأهيل الغابات المتدهورة ومكافحة التصحر. ويهدف البرنامج إلى غرس 6800 هكتار على مدى ثلاث سنوات بميزانية قدرها 115 ملايين درهم، تم إطلاق الشطر الأول منها من خلال غرس 1580 هكتار سنة 2024. هذه الميزانية ت لاستعادة النظم البيئية الغابوية ومكافحة انجراف التربة والتعويض عن حق الرعي لفائدة الساكنة المحلية.
شراكات من أجل التنمية المستدامة
وقد شهدت هذه الزيارة الميدانية توقيع ثلاثة مذكرات تفاهم وست اتفاقيات شراكة تهدف في مجملها إلى دعم التنمية المستدامة للساكنة المحلية، وتعكس التزام الأطراف المشاركة بتحسين ظروف معيشة السكان مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
استخدام التقنيات الحديثة لحماية النظم البيئية: تسليم طائرة بدون طيار (الدرون)
وقد اختتمت الزيارة بتسليم طائرة بدون طيار (الدرون) متعددة الاستخدامات وعالية الأداء إلى المديرية الجهوية للوكالة الوطنية للمياه والغابات بالشرق مما يمثل خطوة هامة نحو تحديث مهام الوكالة. وسيساهم هذا الجهاز الجديد في تعزيز قدرة الوكالة على مراقبة وتدبير الموارد البيئية الغابوية بشكل أكثر كفاءة ودقة.
وتعكس جميع المبادرات السابقة الذكر، التي تم إطلاقها في إطار استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030” بإقليم جرادة، التزام الوكالة الوطنية للمياه والغابات المستمر بتلبية احتياجات الساكنة المحلية، مع ضمان حماية النظم البيئية الطبيعية وتعزيز التنمية المستدامة لصالح الجميع.