احتضنت دار الشباب بمدينة بوزنيقة مساء يوم الخميس 17 أكتوبر الجاري انطلاقا من الساعة السابعة والنصف ندوة علمية تحت عنوان: تخليق الحياة السياسية في المغرب، نحو تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات، وقد عرفت الندوة التي نظمها مركز الدراسات والبحوث الأكاديمية وسيرها الدكتور كريم القرقوي صحفي وأستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بالمحمدية مشاركة نخبة من أساتذة القانون وثلة من الأطر نذكر من بينهم الدكتور رشيد المرزكيوي، الدكتور المصطفى المريني، الدكتور عبدالحق بلفقيه من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ظهر المهراز بفاس.
بالإضافة إلى الدكتور محمد ملمان رئيس المركز، الدكتور كريم القرقوري أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الدكتور حسن مروان أستاذ بمركز تكوين الأساتذة ببنسليمان.
والأستاذ محمد بنجلول عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب سابقا، وباحث في الحكامة القضائية والقانونية وسعيد بنخديجة إطار مسؤول بوزارة الداخلية “مفتش متقاعد”.
وأكد الدكتور رشيد المريني خلال مداخلته على أن الفساد يعتبر ظاهرة وآفة خطيرة جدا تجتاح كل المجتمعات ولا يرتبط بمجتمع معين أو بقطاع معين أو بمجتمع معين، واستشهد بقضية فساد كبيرة عرفتها صفقة كبيرة لشراء الطائرات ببريطانيا وتدخل رئيس الوزراء للأمر بوقف التحقيق في هذه القضية، كما قام بعرض تجربته كعضو لجنة تحقيق في الفضائح التي عرفتها الجامعات المغربية في السنوات الأخيرة والمكلفة من وزير التعليم العالي بدارسة المشاكل التي تتخبط فيها الجامعة المغربية، وأضاف أن جامعات عريقة بدول كبيرة عاشت نفس المشاكل، وخلص أن القضاء على الفساد بشكل كلي أمر غير وارد، لكن الحد من خطورته.
وعرج الدكتور المصطفى المريني على موضوع الفساد بالمغرب مشيرا أنه لا يمكن أن يوجد ذلك المجتمع الأفلاطوني الفاضل الذي يخلو من الفساد والمفسدين، بحكم أن الفساد جبلة في الإنسان، وأكد أن الفساد يصير مشكلة وخطرا يتهدد المجتمع والدولة لما يتسع حجمه وتمتد آثاره بحيث يصير مهددا للتنمية والديموقراطية وتماسك المجتمع، كما تطرق لتعريف الفساد في تأصيل نظري للظاهرة، واعتبر أن الفساد ينقسم إلى قسمين فساد صغير وفساد كبير ينتشر بين كبار الموظفين والوزراء والسياسيين.
وتطرق الدكتور عبد الحق بلفقيه إشكالية تخليق الحياة السياسية من وجهة دقيقة تناقش دور مؤسسة القضاء الدستوري باعتباره حام للوثيقة الدستورية ومساما في تخليق الحياة السياسية، من خلال منطلقين أساسيين الأول يخص مستويات منطق العمل الديموقراطي والثاني كيف يتم قراءة الدستور.
واعتبر أن الحديث عن الديموقراطية يكون عبر مستويات فهناك من يتبنى طرح الاختيار والمشاركة العامة أما المستوى الثاني فيضيف حلقة أساسية تتعلق بالإجراءات وقد نسمع من يقول بأن الانتخابات هي جوهر الديموقراطية، أي تبني مفهوم الديموقراطية وحصره في الانتخابات كآلية وهناك من يوسع المفهوم وينتصر للمبادئ الكبرى.
أما فيما يخص قراءة الدستور فاعتبر أن هناك قراء أولى تم تجاوزها وهي قراءة شكلية تقف عند قراءة النصوص وقراءة ثانية تنفتح على ما يسمى بروح الدستور، وأعطى مثالا على ذلك القاسم الانتخابي حيث أشار لكون القاضي الدستوري المغربي تبنى القراءة الأولى فيما يتعلق بالقاسم الانتخابي، في الوقت الذي إن تبنى القاضي الدستوري القراءة الثانية التي تهم روح الدستوري فإنه سيجتهد في تخليق الحياة السياسية، وتساءل بعدها عن قدرة القاضي الدستوري عن نزع والتخلص من الجلباب أو الغطاء السياسي لينتصر للشرعية الدستورية، مذكرا أن قانون القاسم الانتخابي المعمول به في المغرب نمط وحيد أربك الحسابات ولا يوجد في أي دولة في العالم.
وفي معرض مداخلته تطرق سعيد بنخديجة للعديد من الحالات المتعلقة بالفساد من موقعه كمفتش في وزارة الداخلية كان من أطرفها أن وقف على كون حمار بإحدى الجماعات يكلفها كلأه اليومي 5000 درهم، وأكد أن المحاسبة لا ينبغي أن تقتصر على الموظفين والمنتخبين والرؤساء بل يجب أن تطال أيض رجال السلطة من قياد وباشوات وكتاب عامين وعمال مستشهدا بواقعة 500 مليون مقتنيات نباتية وأغراس التي عرفتها عمالة بنسليمان والتي كادت أن تورط مهندسا، قبل أن يتضح أن العامل من حولها لزوجة وزير داخلية سابق.
وقد اختتمت الندوة بمداخلة محمد بنجلول ركز فيها على التحديات التي تواجها الدولة في تفاعل مع ما يقع بالمحيط مع التركيز على تقوية وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات وخلق انسجام تام بين مكوناتها.
وقد فتح المجال أما الحضور للمساهمة بتدخلاتهم وتساؤلاتهم في موضوع الندوة، قبل أن أعطيت الفرصة مجددا للأساتذة المحاضرين للتفاعل معها، وقد لقيت الندوة استحسانا كبيرا من طرف الحضور الذي كان نوعيا ومتميزا حيث تمت مطالبة رئاسة المركز بتنظيم لقاءات علمية أخرى واختتم اللقاء بحفل شاي على شرف الحضور.