“جرذان قذرة وعزلة” جديد الكاتب عبد القادر محمد الغرييل

فن وثقافة
11 أكتوبر 2024
“جرذان قذرة وعزلة” جديد الكاتب عبد القادر محمد الغرييل
رابط مختصر

عن منشورات غاليري الأدب صدر حديثا مجموعة قصصية للكاتب عبدالقادر محمد الغربييل تضم ببن دفتيها عددا من القصص القصيرة في ثمانية وستين صفحة من الحجم المتوسط ، وقد كتب تقدبمها مصطفى لغتيري جاء فيه:
غالبا ما تعاني المجاميع القصصية الأولى من هنات عدة، وهذا أمر طبيعي بالنسبة للبواكير الأدبية، وبالتأكيد يتم تجاوزها في النصوص اللاحقة، سواء نشرت بشكل فردي أو ضمن مجاميع قصصية أخرى، لكن هنا، مع هذه المجموعة القصصية، التي تعتبر باكورة الكاتب، سيفاجأ القارئ-لا محالة- بالعكس تماما، حتى أنه قد يتملكه الإحساس بأن هذه المجموعة قد ولدت مكتملة، رغم أنها تمثل الظهور الأول لصاحبها، حتى أن المتلقي قد يشك في أنها باكورة الكاتب.
ويتجلى النضج الذي تمتعت به نصوص المجموعة في عدة أمور، منها التعاطي مع اللغة، ولا يخفى على المتتبعين أن اللغة تعد المعضلة الكبرى بالنسبة للوالجين حديثا إلى عالم الفن القصصي، فغالبا ما يميلون إلى توظيف غير ناضج للغة، يتميز خصوصا بالميل نحو الجمل الطويلة، ونحو شعرنة اللغة بالاستناد إلى المجاز المبالغ فيه، الذي يضيع الهوية القصصية للنصوص. الأمر الذي يختلف تماما مع هذه المجموعة، التي وظف فيها الكاتب لغة قصصية مشذبة، تميل نحو القصر، تتميز بكثير من الموضوعية، لا تفتتن بذاتها وبجماليتها، ولا تبالغ في توظيف أدوات الربط، بل يعمد الكاتب إلى تجاهلها، فيشعر بها القارئ خفيفة متوترة وبرقية، تناسب إلى حد كبير فن القصة القصيرة.
ويتجلى النضج كذلك في عدم الجنوح نحو المبالغة في توظيف ضمير الغائب في السرد، بل كانت الغلبة في النصوص لضمير المخاطب، وهو ضمير حديث وحداثي في السرد، يساهم في جعل القصص أكثر حيوية، وأقرب إلى نفسية القارئ، متميزا برؤية مصاحبة، تبعد عن النصوص شبح السارد العليم، الذي يوجه القارئ ويفرض عليه هيمنته ورؤياه الشخصية للعالم.
كما أن الكاتب ينحو نحو التنويع ما بين حضور الذات وحضور الآخر، الذي، قد يكون امرأة في بعض النصوص، بما يعنى امتلاك الكاتب لرؤيا معاصرة وحداثية تجاه فن القص، الذي يمنح فيه الكاتب صوتا لمن لا صوت له، وذلك من أجل المنافحة عن تصوره الخاص لذاته وللعالم من حوله.
كما أن تلك اللمسة الشاعرية الخفيفة، التي رافقت تفاصيل السرد، من خلال الاهتمام بهموم الذات، وتفاعلها الحساس مع الواقع ومع الزمان في بعده الفزيولوجي الواقعي، وبعده النفسي السيكولوجي المفترض والمتخيل، قد منحت النصوص لمسة فنية لا غبار عليها.
لكل ذلك تستحق هذه النصوص الإصغاء إليها بكثير من الاهتمام، ومشاركة كاتبها احتفاءه بالذات وبالعالم من حوله بأسلوب قصصي ماتع وممتع في الآن ذاته.