بقلم: فاطمة موسى وجى
تماشيا مع متطلبات حقل السيكولوجيا بالمغرب، أصدر مجموعة من المؤلفين، بتقديم وتنسيق من الدكتور التهامي الباديدي والدكتور محمد القدام، مؤلفا تمت عنونته ب “مجالات ونماذج الاشتغال المعرفي: نحو رؤى متداخلة لعلم النفس المعرفي”. صدر الكتاب في طبعته الأولى سنة 2000 عن “مؤسسة باحثون للدراسات، الأبحاث، النشر”.
ضم المؤلف خمسة فصول عالجت مواضيع ودراسات حول المقاربة المعرفية، قام بها أساتذة باحثون من عدة جامعات مغربية.
في تقديمهما للمؤلف، أشار الدكتور التهامي الباديدي والدكتور محمد القدام إلى التوجه الجديد الذي تعرفه السيكولوجيا في ظل المقاربة المعرفية، وما أحدثته من تطور في دراسة قضايا الاشتغال الذهني. وقد تمت الإشارة في هذا التقديم إلى كون المقاربة المعرفية مبحثا يقوم على دراسة السيرورات المعرفية باختلاف حواملها، بغية فهم ما يدور في الدماغ/ الذهن، وكيفية معالجة المعلومات وما تشكله من عمليات تؤثر في السلوك واتخاذ القرار وتذكر المعطيات وحل المشكلات.
الفصل الأول:
الذاكرة الإنسانية في قضايا البنية والاشتغال -الدكتور التهامي الباديدي، أستاذ علم النفس المعرفي بجامعة ابن طفيل -القنيطرة
تناول هذا الفصل موضوع الذاكرة ومقاربات دراستها في إطار السيكولوجيا المعرفية، التي انقسمت إلى مقاربة المحتوى ومقاربة آلية الاشتغال. كما أشار الدكتور الباديدي إلى أهمية الدراسات التي انكبت على موضوع الذاكرة، دون إغفال الإعاقات التي لاقتها بسبب هيمنة السلوكية وتركيزها فقط على دراسة السلوك، مما صعب من دراسة ماهو معرفي. تطرق د.الباديدي أيضا إلى ميلاد المقاربة المعرفية كمنظور أو توجه جديد في العلوم النفسية، استهدف تحديدا دراسة الذهن كنظام لمعالجة المعلومات، بعد ظهور الحواسيب التي أتاحت إمكانية تقييس النشاط الذهني على حامل مادي، وبالتالي اعتبار الحاسوب مرجعا لدراسة الذهن الإنساني.
استعرض الدكتور الباديدي الباراديغم العام لدراسة الذاكرة حسب “تيبرغين” 1991، مبينا بعد ذلك مختلف مراحله في شكل يضم مراحل الترميز -التخزين -الاسترجاع. ثم انتقل إلى الحديث عن بنية الذاكرة الإنسانية وقدم في ذلك نوعين من النماذج :
– نماذج البنيات المتعددة مثل النموذج التسلسلي المودالي ونموذج ذاكرة العمل؛
-نماذج البنية الأحادية: النورونات والاقترانات، وكذا أنواع الشبكات الاقترانية.
ختم الدكتور التهامي الباديدي هذا الفصل بالإشارة إلى دور تقنيات التصوير الذهني في الإلمام بوظيفة الذاكرة الإنسانية وكذلك التضارب بين موقف النظرية متعددة الأنظمة والنظرية الأحادية، إضافة إلى نماذج جديدة تعكس التقارب المفترض بين المقاربتين الوظيفية والبنيوية.
الفصل الثاني:
الوظائف التنفيذية وسيرورات معالجة المعلومات -الدكتور محمد القدام -أستاذ باحث بجامعة محمد الخامس -الرباط
استعرض هذا الفصل دور الوظائف التنفيذية للدماغ في ضبط اشتغال العمليات المعرفية، انطلاقا من الانتباه والانتقاء، إلى تنفيذ وتنسيق الإجراءات المناسبة لكل سلوك إنساني. قبل التفصيل في الوظائف التنفيذية، أشار الدكتور محمد القدام إلى نماذج للتعريف بها، ملخصا بعد ذلك النقط المشتركة بين التعاريف المدرجة، في اعتبار الوظائف التنفيذية سيرورات ذهنية تضمن انسجام الفرد مع نفسه وتكيفه مع وضعية أو مسألة غير روتينية. ثم انتقل إلى شرح مفصل لمختلف هذه الوظائف والتي حددها في:
– الانتباه، التخطيط، الكف، ذاكرة العمل والمرونة المعرفية.
في فقرة موالية، تطرق الدكتور القدام إلى نماذج ومقاربات الوظائف التنفيذية، كونها تأسست على نظام وحيد أو بنيت على مكونات عديدة، حيث أشار إلى مرجعية كل من كسافيي ومارسيل 2000 في كون مجمل النماذج النظرية، باختلاف مبادئها، تربط اشتغال الوظائف التنفيذية بقشرة الفص الجبهي، رغم ما لحق هذا الطرح من انتقادات. إضافة إلى ربط المناطق الخلفية من الدماغ بالذاكرة واللغة والإدراك والفضاء والبصريات. تطرق الدكتور أيضا إلى اختلاف لرؤى تنظيم الوظائف التنفيذية ميرزا الاختلاف بين دراسات مجموعة من الباحثين والتي خلصت نتائجها إلى وجود خمس وظائف أساسية هي : تخزين ومعالجة وتنسيق المعلومات الشفهية -تخزين ومعالجة وتنسيق المعلومات البصرية الفضائية -الاسترجاع الاستراتيجي -الانتباه الانتقائي -المرونة.
إضافة إلى ذلك، تطرق هذا الفصل لثلاث أنواع من المقاربات يمكن تلخيصها في:
-المقاربات ذات النظام الوحيد (نموذج بريبرام 1960 -نموذج كرفمان 1989, 1994 )؛
-المقاربات ذات المكون الرئيسي (نموذج كولدمان راكيك -نموذج كينبرغ وفرح)؛
-المقاربات ذات مكونات متعددة (نموذج لوريا -نموذج ستوس وبنسون).
تناول أيضا الدكتور م.القدام اختبارات تقييم الوظائف التنفيذية، وقد أشار فيها إلى مجموعة من الأدوات لدراسة وقياس الوظائف التنفيذية، والتي كانت موجهة فقط لضحايا الحوادث والمصابين على مستوى الجهاز العصبي، ليتم تعميمها لاحقا من أجل فهم جيد لاشتغال الدماغ. وقد أدرجت مجموعة من الاختبارات لقياس كل وظيفة على حدة، منها على سبيل المثال: اختبار السرعة، اختبار التزامن، اختبار سترووب….
الفصل الثالث:
المعرفية وبناء تمثيل ذهني للنص: مقاربات واتجاهات -الدكتور عبد الرحيم ناجح. أستاذ باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية -الجديدة
تناول هذا الفصل بالدراسة والتحليل الاشتغال الذهني والسيرورات الموظفة لأجل بناء تمثيل ذهني للنص المقروء، انطلق هذا الفصل من تعريف لفهم المقروء باعتباره مجموعة من القدرات الذهنية ، مع ذكر السيرورات الذهنية الموظفة من قبل القارئ، وكذا تلك التي قاربت بناء التمثيل الذهني للنص المقروء.
الفصل الرابع:
الميتامعرفية وعلاقتها بالأداء المعرفي للتلاميذ أثناء حل مسائل الرياضيات -كوثر الشرادي، باحثة في سلك الدكتوراه بكلية علوم التربية -الرباط
انطلقت الباحثة من تقريب مفهوم الميتامعرفية باعتبارها مجموعة من العمليات أو السيرورات الابستمولوجية، أدرجت فيها عدة تعاريف (جافليك ورافاييل 1985 -فلافيل 1979 -باريس ووين