ذ.محمد غزاوني
باعتبارنا جمعية مستقلة للتفكير والاقتراح والمبادرة فان تناولنا لاشكالات اختلالات الصندوق المغربي للتقاعد ، لا تحركه اية دوافع غير معلنة . وانما يأتي في سياق إدراكنا للاوضاع المعيشية لشعبنا . ولتطورات وانعكاس تلك التحولات الكبرى المتسارعة التي تطبع البنية الديموغرافية للمجتمع المغربي ، والتي تتجه به نحو الشيخوخة . فاعداد المتقاعدين والأشخاص المسنين آخذة في التزايد بوتيرة جد سريعة ، في وقت تعرف فيه نسبة الخصوبة تناقصا رصدت عدة دراسات واحصائيات . وهذا ما يجعل هذه الفئة العمرية مرشحة لان تصبح كتلة بشرية ضخمة..، في سياق تتفاعل فيه اختلالات صندوق التقاعد . والحال ان بلادنا لا تتوفر على ما يكفي من التشريعات والبنيات التحتية للرعاية الاجتماعية . ولهذا فإن جمعيتنا ترى بان استمرار تفاقم أوضاع وقضايا التقاعد . يشكل خطرا كبيرا و له تداعيات مخيفة ، ليس فقط على المتقاعدين ومجموع المأجورين وعائلاتهم ، بل كذلك على مجموع الشعب المغربي وعلى الاستقرار والسلم الاهلى … انه يغذي مشاعر اليأس وعدم الثقة في المستقبل . ولا يخفى ما لذلك من أخطار تهدد البلاد والتماسك الاجتماعي . ولهذا فإن هذه الجمعية التي تعي جيدا فضائل الاستقرار وعلاقته بالرفاه الاجتماعي . ملزمة بالتنبيه الى خطورة فقدان الاحساس بالطمأنينة والثقة في الغد.، في الأوضاع التي لا تلبى فيها الحاجات الحيوية الأساسية … هذا ما نأمل أن تدركه كل الفعاليات، وخاصة منها الحكومية ، التي نلاحظ مع كامل الاسف انها تسارع الزمن لتمرير ما تسميه إصلاحا لأنظمة التقاعد والصناديق المهدد بالعجز عن أداء مهامها والتوقف عن صرف رواتب معاشات منخرطيها … ان تلك الإصلاحات المقترحة والخطابات الحكومية المرافقة لها ، لا تعدو كونها مواقف متسرعة و مبنية على أسس ومقاصد غير موضوعية بل وغير سليمة . ذلك ان هناك أطرافا يحلو لها ان تنسب اختلالات الصناديق وخاصة الصندوق المغربي للتقاعد ، الى طريقة احتساب المعاشات والى المقاييس المعتمدة ، و واضح ان هذا الكلام يحلق باصحابة بعيدا عن الحقيقة وعن الأسباب الموضوعية لماتعانيه صناديق التقاعد . ومقابل ذلك تتجه الحكومة الى الحلول السهلة كرفع سن التقاعد الى65 سنة ورفع نسب الاشتراكات . واحتساب المعاش عل أساس اعتماد سقف موحد يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور واعتماد معاش تكميلي وآخر للقادرين عليه .
ان تفحصا سريعا لتلك التفسيرات و ذلك المقترح للإصلاح؛ يجعلنا نجد أنفسنا امام محاولة حكومية ، نفهمها بكونها ، من جهة ، تهربا من مسئولية ما لحق الصندوق المغربي للتقاعد من اختلالات، ومن جهة اخري للتعتيم عن الأسباب الحقيقة لما يهدده من عجز .وهي كثيرة ومتعددة ، ساهمت مجتمعة في صنع الوضع الكارثي للصندوق. تذكر فقط القليل منها. مثل سوء التدبير ، والتبذير في مصاريف المقرات والأثاث الفاخرة.و المكافآت والأجور، ومصاريف الاجتماعات
و عائدات استثمار أموال الصندوق. والقروض. واموال الأقساط التي لم يتم تحصيلها بسبب عدم الوفاء بالالتزامات لعشرات السنين .الى جانب توظيف اموال الصندوق في مهام اخري .
فبدل أن تتحمل الحكومة مسئوليتها كاملة في القيام بما يقربنا من معالجة أختلال اموال التقاعد. وتتجه نحو احراء تقويم موضوعي للصندوق و القيام بافتحاص دقيق وشفاف لأمواله وأساليب التصرف فيها ،ولما الت إليه . واسترجاع الأموال المنهوبة وسد الثغرات لوقف النزيف والبحث عن حلول مبتكرة . فإن الحكومة تسارع الزمن لحلول تطمس الحقيقة و تجعل من له مسئولية في هذا الشأن يتحرر من المحاسبة .وفي نفس الوقت تهريب مشاكل و اختلالات الصندوق بعيدا عن الحكومة ، وتحميل تبعاتها للمنخرطين… ويشتم من بعض التصريحات الحكومية،ان هناك محاولة لجر النقابات الى ” صيغة توافقية بين الاطراف” فيما يشبه مقايضة بالزيادة في الأجور بقبول صفقة الإصلاح الحكومي السريع والمتسرع .
اننا والحالة هذه ندعو إلى الحكمة والتاني لإيجاد حلول مبتكرة عادلة تتسم بالشمولية والديمومة ، وتحافظ للمجتمع ،تماسكه واستقراره . بدل التسرع في التوجه نحو نفض اليد .