أكد السفير الممثل الدائم للمغرب في الأمم المتحدة، عمر هلال، أمس الخميس بجنيف، أن الأزمة الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل متعددة الأبعاد، داعيا إلى مقاربة تربوية تستهدف الجذور الثقافية لإنتاج التشدد والعنف.
وقال السيد هلال في مداخلة ضمن جلسة حول تحديات منطقة الساحل، في إطار فعاليات منتدى كرانس مونتانا، إن الوضع في المنطقة يستدعي تعاونا إقليميا ودوليا في إطار شمال-جنوب وجنوب-جنوب، ومع المنظمات الدولية والإقليمية وشبه الإقليمية لإعداد استراتيجيات دامجة اجتماعيا في مواجهة التطرف، مع مقاربة تربوية ثقافية ودينية تأخذ بعين الاعتبار التقاليد والطقوس والإرث التاريخي للمنطقة.
وأبرز أن هذا البعد التربوي حاضر بقوة في التجربة المغربية التي تنحو إلى تأهيل الحقل الديني وتقاسم هذه المقاربة مع الدول الإفريقية الصديقة عبر الانخراط في تكوين الأئمة والمرشدين، في أفق نشر قيم الوسطية والاعتدال وغرس ثقافة التسامح والتعايش.
وشخص السيد هلال جوانب من الأزمة الشاملة التي تعاني منها منطقة الساحل التي يرى أنها في مفترق عدة مجالات شبه إقليمية إفريقية وتعد بالتالي بؤرة مركزية لرهانات السلم والاستقرار والتنمية بمجموع القارة، بل وخارجها.
في منطقة تشكل أكثر من غيرها نموذجا للعلاقة المعقدة بين الأمن والتغيرات المناخية، يلاحظ الدبلوماسي المغربي أن الساحل يواجه، بشكل متزامن، أزمات نزاعات ومناخ والتأثير الاقتصادي لكوفيد 19 وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات والأسمدة، محيلا الى تقرير لبرنامج الغذاء العالمي يشير إلى معاناة 7، 12 مليون شخص من المجاعة في مجموعة بلدان G5 (مالي، النيجر، بوركينا فاسو، موريتانيا والتشاد).
وأبرز السيد هلال أن المنطقة تواجه تحديات أمنية نتيجة نشاط المجموعات المسلحة التي تسعى إلى مد نفوذها إلى خليج غينيا. يتعلق الأمر بوضع أمني غير مستقر في مالي والمناطق الحدودية مع بوركينا فاسو والنيجر، حيث تنتشر أنشطة العناصر المسلحة المرتبطة بتنظيمات متطرفة تستغل الفراغات الأمنية للتمركز والامتداد، وتستهدف الجيش والقوات الأممية.
وذكر بأن الأمين العام للأمم المتحدة اعتبر أن الأزمة الأمنية بالساحل تشكل تهديدا عالميا، لأنه في غياب تحرك جدي منسق، ستتجاوز تداعيات الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة حدود المنطقة والقارة، علما أن حصة كبيرة من ميزانية عمليات حفظ السلام الأممية تسخر للمنطقة، بينما تستهدف الهجمات القبعات الزرق في البعثة الأممية بمالي.
واستشرافا لسبل مقاربة ناجعة لأزمات المنطقة، أكد السيد هلال الحاجة إلى استجابة متعددة الأبعاد تأخذ بعين الاعتبار جميع التحديات بأبعادها الأمنية والمناخية والتنموية، مستحضرا دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى جهود جماعية لتشجيع الحكامة الديمقراطية وإرساء النظام الدستوري ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان كأساس لضمان الأمن والتنمية المستدامة.
كما شدد على أهمية عمليات تأمين الحدود عبر القضاء على التهديدات القائمة، خصوصا من قبل المجموعات المسلحة وعمليات تهريب المخدرات وتهريب البشر، وتعزيز التنسيق والتعاون لتحسين فعالية تقاسم المعلومات قصد مكافحة تهديدات الأمن بالمنطقة والمساهمة في توفير ظروف ملائمة للسلم والأمن والديمقراطية والتنمية في إطار الانصات.