**شعراء لمسوا وجدان الحضور ***
متابعة : منى بنحدو
الأمسية الشعرية الخامسة من فعاليات الدورة الحادية والعشرين من مهرجان الشارقة للشعر العربي، بقصر الثقافة بالشارقة ،عرفت تنوعا ووهجا من مختلف الدول العربية أتثها كل من الشعراء: محمد إبراهيم يعقوب (السعودية)، وسعد محمد (العراق)، ومحمد عرب صالح (مصر)، وأحمد شيخنا كباد (موريتانيا)، ووكيل الحاج عبد السلام (النيجر)، وأمل السهلاوي (الإمارات)، ومن تقدّيم الإعلامية و الشاعرة السودانية إبتهال تريتر.
الأمسية عرفت حضور كل من السيد عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، وجمهور كبير من الشعراء والمثقفين والأكاديميين الإماراتيين والعرب.
استهل الشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب الأمسية بقصائد تحمل بين طياتها أبعاد إنسانية وفلسفية بعنوان: “كلمات العابر الأخيرة”، و”قميص لأوراق بيضاء”، و”حديث شخصي مع العالم”، ونسج محمد يعقوب في أبياته صوراً شعرية تسكن الروح، وجاء في إحدى قصائده:
باسمي طرقتُ الماء باسمكِ أدخلُ
هل تُدرك الغيمات ماذا تحملُ
يا وردةً والليل يغلق بابهُ
من يسأل الرمّان كيف يُبلّلُ
لم أعتقد بالطين حتى خضتهُ
ما أضعف الإنسان حين يُشكّلُ
لا ذئب في جيب القميص انا هنا
وعدٌ على باب الغياب مؤجّلُ
بعد ذلك ألقى الشاعر العراقي سعد محمد قصائد مفعمة بالحنين والدفء،: “إمارة العزّ”، و”بائع الورد”، و”مرّ على المدينة شاعر”، مزج فيها الشاعر العراقي بين السرد الشاعري والمشاعر المتدفقة، قائلاً في أحد نصوصه:
بالأمسِ مرَّ على المدينةِ شاعرُ
من خطوهِ دفءُ الندى يتناثرُ
يمشي كأنَّ الأرضَ تحنو حبَّةً
وتبوحُ للنجمِ البعيدِ بصائرُ
من حيثُ مرَّ، تنفَّستْ أزهارُها
والنبضُ في أعماقِها متواترُ
يبني بأوتارِ الحروفِ ممالكًا
تسمو، كأنَّ الحبَّ فيها آمرُ
أما الشاعر الموريتاني أحمد شيخنا كباد فنصوصه الشعرية عبّر فيها عن رحلة الإنسان بين الماضي والمستقبل بأسلوب طغى عليه الرمزية : “رحلة الأبد”، و”في قبضة الزمن”، و”عبور مؤجل”
كهذه الريح تضي ثم لم تعد
تحاول الدهر في ترحالك الأبد
تحصي ملامح وجه الغيب مقترفا
فجا من الركض لا يلوي على أحد
وتستقر على أنقاض مهترئ
من الهواجس مرسوما على النجد
تهز أغصان هذا البدء أسئلة
مذ كنت ذاتا بلا روح ولا جسد
فما قدم الشاعر المصري محمد عرب صالح قصائد تأملية فلسفية باحثة عن الذات والذوات : “صورة ميم”، و”طرقة على باب الغريب”.
سافرتُ مِن صَرختي الأُولى وما صَدَفَت..
خُطَى المُريد طريقًا واحدًا صَدَقا
لاقَيْتُ من سَفَري في الناسِ ما لَقِيَتْ..
أُذْنٌ ثُقوبًا ولكن لم تَجِد حَلَقا
حتى لِساني الذي ربَّيْتُ حِكمَتَهُ..
يومَ الكلامِ التَجَا للصمتِ واعتَنَقا
بأسلوب مختلف ونمط آخر قدم الشاعر وكيل الحاج عبدالسلام من النيجر نصوصه التي عكست تجربة متفردة : “بصمة الذئب المقنّع”، و”تأويل الرؤيا”:
من أعالي الذرى ألوح عطاء
حينما الصبح يستعين ضياء
حينما الوالد الجريح سقوطا
يتهجى حظوظه خيلاء
لم يكن يرسم الحياة جمالا
إنما كان يستغيث.. شقاء
وحماه الذي بناه عرينا
كان عز البنات فيه دناء
ختامها مسك مع الشاعرة الإماراتية أمل السهلاوي، التي خطفت الاضواء بنصوصها وطوعت الحرف عبرت من خلاله الأضداد في عالم النفس البشرية ومعاناتها الأزلية : “في العمر شيءٌ”، و”عدني ببرق الغيم”،و”لا تنجرف للخوف”.
حاولتُ ما كلّ شيءٍ كنتهُ صدقا..
في العمر شيءٌ إذا أنقذتُه.. غرقا..
لما تفجّر نبْعي.. متُّ من عطشي..
حين استبيح فؤادي.. مرّةً.. خفقا..
كنّا إذا هِمْتُ بالأيّام تسفهني..
أوْ كلّما اشتقتُ فجراً.. زادني أرقا..
وكنت إن أطلقوا روحي لهم بَقِيَتْ..
طيراً إذا أثقلوا أغلاله انطلقا..
وعلى غرار ختام الأمسيات قام السيد عبد الله بن محمد العويس، ومحمد إبراهيم القصير، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، الشعراء بتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين تقديرا لما أبدعوه حرفا وأداءا لمسوا من خلاله وجدان الحضور .