ياسين اللغميش
شهدت كلية أصول الدين بتطوان يوم الثلاثاء 7 يناير 2025 نشاطًا علميًا متميزًا نظمه ماستر “الأديان والحوار الحضاري”. استضاف النشاط الأستاذ الدكتور يوسف نويوار، الباحث المتخصص في الحوار بين الأديان، الذي قدم محاضرة تحت عنوان: “تجربة الحوار بين الأديان من النظرية إلى التطبيق”.
افتتح الدكتور يوسف نويوار المحاضرة بعرض تجربته الميدانية في فرنسا، حيث تطرق إلى واقع الحوار بين الأديان في هذا البلد الأوروبي الذي يتميز بتعددية دينية وثقافية. وأشار إلى وجود ديناميتين بين مسيري الشأن الديني الإسلامي في فرنسا: الأولى ترى الحوار بين الأديان عديم الجدوى نتيجة انعدام تواصل الأئمة مع أماكن العبادة الأخرى، مثل الكنائس والمعابد اليهودية. أما الثانية، وهي الأقلية، فتؤمن بأهمية الحوار كجسر للتواصل وتعزيز التعايش وتحسين صورة المسلمين في أوروبا.
تجربة الحوار في فرنسا
استعرض الدكتور نويوار تفاصيل مشاركته في مبادرات متنوعة، مثل “رغبة السلام”، التي جمعت رجال دين من المسلمين والمسيحيين واليهود. كما تحدث عن تأسيس جمعية “لنبني جميعًا ثقافة السلام” في مدينة سانت عام 2016، والتي تشكل مجلسها من 12 عضوًا، يمثلون الطوائف الإسلامية والكاثوليكية والبروتستانتية واليهودية بالتساوي. اعتمدت الجمعية نهجًا مميزًا يقوم على ثلاث ركائز: التفكير المشترك، الترفيه الجماعي، والرحلات العائلية.
كما حكى نويوار عن زيارته الأولى لكنيس يهودي في مدينة سانت، التي كانت تجربة مميزة رغم التحديات الثقافية والدينية، حيث أشار إلى فصل الرجال عن النساء داخل الكنيس وضرورة ارتداء قبعة يهودية. وأكد أن رئيس رابطة اليهود، وهو من أصل جزائري، رحب بالفكرة وقدم الدعم لإنجاح المبادرة.
الاختلاف بين المغرب وفرنسا في دراسة الأديان
في مقارنة بين المغرب وفرنسا، أشار الدكتور نويوار إلى أن دراسة الأديان في المغرب تتسم بتجانس ديني لدى الأساتذة والطلبة، عكس فرنسا التي تتميز بتعددية دينية وثقافية، حيث يتجنب الأساتذة التعبير عن انتماءاتهم الدينية احترامًا للطابع اللائكي للدولة. كما أشار إلى تركيز المغرب على الأديان الكبرى، بينما يتجه الغرب لدراسة الأديان الصغرى والفاعلة.
وتطرق إلى ندرة الأبحاث الميدانية في المغرب مقارنة بغناها في الغرب، وأوضح أن البيبلوغرافيا المغربية تعتمد بشكل كبير على المراجع العربية، عكس التنوع المعرفي الموجود في الدراسات الغربية.
كلمة الدكتور مصطفى بوجمعة
صرح الدكتور مصطفى بوجمعة، منسق ماستر “الأديان والحوار الحضاري”، لموقع تواصل 24 نيوز أن هذه المحاضرة تأتي ضمن حرص الماستر على تقريب العلوم للطلبة، وربط الجانب النظري بالممارسات الميدانية، بما يسهم في تكوينهم تكوينًا أكاديميًا متينًا في موضوع الأديان والحوار الحضاري. وأضاف أن هذه المحاضرة تعكس رؤية الماستر لتعزيز انفتاح الطلبة على التجارب الدولية والخبرات العملية.
وأكد الدكتور بوجمعة أن هذه الفعالية نجحت، مثل غيرها من الأنشطة العلمية التي ينظمها الماستر، في تحقيق أهدافها المتمثلة في ترسيخ قيم التعايش والتفاهم بين مختلف الأديان والثقافات. وأشاد بتفاعل الطلبة والأساتذة، الذي يعكس أهمية النقاش العلمي في مواجهة تحديات العصر وتعزيز قيم التسامح والحوار.
النقاش والتفاعل
أعقب المحاضرة نقاشٌ مفتوحٌ شارك فيه أساتذة وطلبة، حيث تناولوا العديد من النقاط التي أثارها الدكتور نويوار، مع تركيز على تجربته الشخصية في الحوار بين الأديان بفرنسا. وأشاد الحاضرون بثراء الطرح وعمقه، مما يعكس أهمية تعزيز التفاهم المشترك بين مختلف الأديان والثقافات، خاصة في ظل تحديات العالم المعاصر.
في ختام الجلسة، أكد الدكتور يوسف نويوار أن الحوار بين الأديان ليس مجرد ممارسة ثقافية، بل هو في حد ذاته عمل ديني يهدف إلى تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وتحقيق السلام المجتمعي.