عبد الله الوقيفي
في إطار تعزيز الوعي بالحقوق الثقافية والفنية كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، نظّم نادي الفنون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية ورشة عمل نوعية كان مضمونها “الحقوق الثقافية والفنية بين النص الدولي والتطبيق المحلي”. جاءت هذه الورشة، التي أشرفت عليها الدكتورة أمل بنويس والأستاذ سعيد لهنا، كمبادرة لربط الإبداع الفني والأدبي بالإطار القانوني والأخلاقي الذي يكفله الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

تهدف الورشة إلى تسليط الضوء على مكانة الحقوق الثقافية كحقوق إنسانية أساسية، خاصة في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه الفنانين والمبدعين، مثل الرقابة غير المبررة، وتهميش التعبير الثقافي المتنوع، وضعف الدعم المؤسسي. كما سعت إلى تعريف الطلاب والباحثين بالأدوات الدولية التي تحمي هذه الحقوق، وكيفية توظيفها في الدفاع عن حرية الإبداع والوصول العادل إلى الموارد الثقافية.
اعتمدت الورشة على مرجعيتين رئيستين:
1. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948): خاصة المادة 27 التي تنص على حق كل فرد في المشاركة الحرة في الحياة الثقافية، والاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدم العلمي.
2. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966): مع تركيز على المادة 15 التي تؤكد التزام الدول بتعزيز الحقوق الثقافية، وحماية التراث، ودعم حرية الإبداع.

من خلال جلسات تفاعلية وعروض تقديمية، ناقش المشاركون كيفية ترجمة هذه النصوص الدولية إلى ممارسات ملموسة، مثل دعم المشاريع الفنية للشباب “المركز الثقافي سيدي مومن نموذجا”، وحماية حقوق المؤلفين، وضمان تنوع التعبيرات الثقافية في ظل العولمة.
ركزت الدكتورة أمل بنويس، الأستاذة المتخصصة في الدراسات المسرحية والنقد الأدبي، على الجزء النظري المتعلق بالتشريعات الدولية، موضحةً الآليات القانونية التي يمكن للفنانين والجهات الثقافية الاعتماد عليها في المطالبة بحقوقهم. أما الأستاذ سعيد لهنا، أستاذ الفلسفة وطالب الماستر في الدراسات المسرحية، فقد ركز على الجانب التطبيقي، من خلال ورش عمل عملية ناقش فيها المشاركون تحديات تواجه المجتمع المحلي في مجال الحفاظ على الخصوصية والهوية الثقافية، وكيفية توظيف الفن كأداة للتغيير الاجتماعي.

خرجت الورشة بعدة توصيات، أهمها:
– ضرورة إدراج مقررات أكاديمية حول الحقوق الثقافية في البرامج التعليمية.
– تنظيم حملات توعوية بالتعاون مع المجتمع المدني للدفاع عن الحقوق الثقافية والفنية.
في ختام الحدث، أكد الحاضرون أن “الثقافة ليست ترفًا، بل هي جوهر الكرامة الإنسانية”، بينما دعا الأستاذ لهنا إلى “تحويل الكلية إلى منصة دائمة للحوار بين الفن والثقافة والقانون”. تُعد هذه الورشة خطوة أولى نحو تأسيس حراك إجتماعي واعٍ بأهمية الثقافة كحقٍّ وكتحدٍّ في آنٍ واحد، مما يعكس رؤية ماستر دراسات مسرحية و ماستر الادارة الثقافية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية والتي تعد حاضنة للفكر النقدي والإبداع المسؤول.