فقدت الحرب الروسية الأوكرانية تلك الاولوية التي كانت تحضى بها لدي الشعوب الاروبية في الاشهر الاولى لاندلاعها . وربما هذا ما جعل الر ئيس زيلنسكي يصرح انه مستعد للتخلي عن منصبه اذا كان ذلك ضروريا مقابل قبول عضوية بلاده في الحلف الاطلسي .
اما على مستوي الحكومات الأوروبية ، فإن تطورات الحرب وتحدياتها ، كانت قد احدثت بعض التباين بين مواقفها حول الموضوع .لكن هذا التباين اصبح اكبر بعد تصريحات الرئيس الامريكي “دونالد ترامب ” خاصة بعد أن أعلن بأن دعم اوكرانيا هو مسئولية اوروبا ، موجها الانتقاد الى الاتحاد الاروبي لكونه لم يفعل شيئا لانهاء الحرب .
وقد تعددت ردود فعل الحكومات الاروبية اتجاه هذه التصريحات الجريئة والقوية للرئيس ترامب والتي لم يجر بشانها اي تشاور. مع الحلفاء الاوروبيين .
وهكذا ، نجد الرئيس الفرنسي “امانويل ماكرون “يعبر عن تحذيره للر ئيس ترامب من تداعيات اتفاق سيء في شأن الحرب في اوكرانيا . مذكرا في هذا الصدد بفشل اتفاقيات وقف اطلاق النار لسنتي “2914ـ 2015 ” التي انتهكتها روسيا حسب قول الرئيس الفرنسي الذي شدد على أن الأمر يتطلب اتخاذ إجراءات لحفظ امن اوكرانيا ،وزيادة الدعم العسكري والمالي من الولايات المتحدة . معبرا عن استعداد بلده لارسال قوات حفظ السلام الي اوكرانيا بعد توقيع محتمل لمعاهدة سلام . موضحا أن هذه القوات سوف لن تكون على خطوط المواجهة المباشرة .
اما رئيس وزراء بريطانيا ، فقد أكد على أهمية الدعم العسكري الامريكي لتحقيق السلام في اوكرانيا . فالسلام بالنسبة إليه يتطلب الدعم العسكري من امريكا. وأعلن أن بلاده ستزيد من الانفاق العسكري ،مشددا بدوره على مشاركة امريكا في الدعم العسكرى” لقوات حفظ السلام الاروبية” . لكنه في نفس الوقت يعبر عن استعداد بلاده لارسال قوات عسكرية في مهام تدريبية للمجندين الاوكرانيين الجدد .
وبالنسبة لبولندا ، البلد المجاور لاوكرانيا والاتحاد الروسي ، فخلافا لدعمها القوي لاوكرانيا في بداية الحرب ، فقد اعلنت انها لن ترسل قوات للمشاركة في العمليات القتالية باوكرانيا. وعبر رئيس مكتب الامن القومي البولندي عن شكوكه بشأن قدرة اوكرانيا على استعادة الأقاليم التي توجد حاليا بيد القوات الروسية .وذلك حتى لو تم تكثيف دعمها عسكريا .
والاتحاد الاروبي بدوره رفض طلب اوكرانيا لتدريب الجنود فوق التراب الاوكراني . مفضلا القيام بذلك في دول أوروبية مجاورة .وقد حذر مسئول السياسة الخارجية لاتحاد ” جوزيف بوريل ” من المخاطر التي قد تنجم عن قرار من هذا النوع .
وفي رده على العديد من التصريحات ، ومنها ما قاله زيلينسكي بصدد انضمام اوكرانيا الحلف الاطلسي . صرح الرئيس ترامب ،بان عضوية اوكرانيا في الحلف ليست مطروحة حاليا . وهذا ما اعتبرته بعض الاوساط الاروبية . أمرا مقلقا بشأن مدي التزام امريكا بامن اوروبا.
ولعل هذا ما ادي الى تفاوت مواقف الاوروبيين بين توفير الدعم العسكري المباشر في شكل تدريب الجنود و تقديم الأسلحة ، وبين اعلان التحفظ والامتناع عن ارسال قوات مقاتلة الى اوكرانيا ، محذرين مما قد ينجم عن ذلك من نتائج أمنية مرتفعة الاخطار .
اما الطرف الروسي . فقد اعلن وزير الخارجية السيد ” سيرغي لافروف” عن اجتماع جديد منتظر مع امريكا في تركيا . معلنا عن رفض بلاده القاطع لاي نشر لقوات أوروبية في اوكرانيا. موجها اصابع الاتهام الى القادة الاوروبيين ، بأنهم يسعون لتاجيج الصراع .
هذه التطورات و تعدد المواقف ، تؤشر كلها الى ان هناك سيرا حثيثا نحو انهاء الحرب . فالفجوات الملاحظة بين مواقف الاوروبيين ترجع في نهاية الأمر إلى الاختلاف حول كيفية التعامل مع حل الأزمة الأوكرانية .وليس الاستمرار في دعم زيلينسكي او التوجه نحو الاستمرار في الصراع مع روسيا بوتين . والخلاصة ان كل المعطيات تؤكد أن العالم يسير نحو التخلص من واحد من الصراعات الدموية والمكلفة اقتصاديا واجتماعيا وانسانيا . والتي تهدد الامن والاستقرار الدوليين.
محمد الغزاوني
في 27/02/2025









