ياسين اللغميش
في إنجاز ثقافي غير مسبوق، بَصَم المغاربة على حضور قوي في **”جائزة الكتاب العربي”**، حيث تمكنوا من حصد النصيب الأكبر من الجوائز، متفوقين على باقي المشاركين من مختلف الدول العربية. فمن بين **1261 عملاً مشاركًا من 35 دولة**، كان عدد الفائزين **19 متوجًا**، لكن اللافت أن المغرب كان **الأكثر تتويجًا بثمانية فائزين**، وهو رقم لم تحققه أي دولة أخرى.
تفوق مغربي غير مسبوق
بينما توزعت بقية الجوائز على **أفراد من جنسيات مختلفة، ومؤسسات بحثية، ومجموعات من الباحثين**، نجح المغاربة منفردين في تحقيق إنجاز نوعي يؤكد ريادتهم في مجال الفكر والإبداع. هذه الهيمنة المغربية على جوائز “الكتاب العربي” ليست وليدة الصدفة، بل تعكس **ثراء المشهد الثقافي المغربي، وعمق التكوين المعرفي الذي يتمتع به الكُتّاب والباحثون المغاربة**.
### **سؤال الاستثمار في الرأسمال الرمزي**
لكن، وهنا يطرح السؤال نفسه، **أين هو الاستثمار في هذا الرأسمال الرمزي؟** كيف يمكن للمغرب، بمؤسساته الرسمية والخاصة، أن يستفيد من هذا التفوق بدل أن يبقى مجرد خبر عابر يُحتفى به ليوم أو يومين ثم يُنسى؟ في عالم يُبنى على القوة الناعمة، حيث الثقافة والمعرفة تصنع النفوذ، يمكن لهذا التفوق أن يتحول إلى رافعة حقيقية للدبلوماسية الثقافية المغربية، ولبنة أساسية لتعزيز مكانة المغرب في المشهد الفكري العربي والدولي.
### **دور المؤسسات والمبادرات الثقافية**
ما يثير الانتباه أن المغرب لا يزال يفتقر إلى مشاريع كبرى لدعم مبدعيه، رغم تزايد عدد الجوائز التي يحققونها دوليًا. فبينما تستثمر دول أخرى في كتّابها ومفكريها وتخلق منصات لتصدير إنتاجهم الفكري عالميًا، لا يزال المبدع المغربي يواجه تحديات النشر والتوزيع والترويج. وهنا يبرز دور المؤسسات الثقافية، ودور النشر، والجهات الرسمية في احتضان هذا النجاح وتوسيعه، بدل تركه مجرد إنجاز فردي يُسجل وينسى.
رهان مستقبلي
إذا كان المغرب قد أثبت تفوقه على مستوى الجوائز، فإن الرهان المستقبلي يجب أن يكون على **تحويل هذا النجاح إلى صناعة ثقافية حقيقية**، من خلال دعم الإنتاج الفكري، وتحفيز الترجمة، وتعزيز حضور الكتاب المغربي في المعارض والملتقيات الدولية. فالفوز بالجوائز مهم، لكنه لن يكون ذا تأثير طويل الأمد ما لم يُستثمر بشكل استراتيجي يخدم صورة المغرب الثقافية عالميًا.
خاتمة
ما حققه المغاربة في **”جائزة الكتاب العربي”** ليس مجرد تفوق عابر، بل رسالة واضحة على أن **المغرب يملك طاقات فكرية وإبداعية هائلة**. فهل سنكتفي بالاحتفال بها، أم سنحوّلها إلى مشروع ثقافي متكامل يساهم في تعزيز الحضور المغربي في المشهد الفكري العالمي؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه اليوم، لأن **الرأسمال الرمزي لا يقل أهمية عن أي رأسمال مادي، بل قد يكون في أحيان كثيرة أكثر تأثيرًا واستدامة**.




