في ظرفية توقيع اتفاق شرم الشيخ .نعود الى مسألة مدى صمود هذا الاتفاق وذلك من خلال التذكير بالممارسات الخطيرة التي ادخلتها اسرائيل في السياسة و العلاقات الدولية وهي محمية من طرف اكبر دولة في العالم و تحضى بدعم الحلف الاطلسي والدول الأوروبية التي دابت على أن تخلط ” ضد العلم ” بين الدين والعرق وتشرع لتجريم كل من ينتقد سياسة اسرائيل التي تمارس العدوان والقتل والتدمير ، بعيدا على كل المباديء وضدا على القوانين الدولية. فكما يعلم الجميع ان اسرائيل منذ نشاتها كدولة على يد انجلترت , وهي تمارس مطاردة الزعماء الفلسطينيين وتغتالهم داخل ارض فلسطين وعبر العالم. غير مبالية بسيادة الدول والقانون الدولي .وفي هذا الإطار ونكملة لمسلسلها الدموي قامت بتنفيذ تلك الضربة الهمجية لمفاوضيها . حيث قصفتهم ليلة انطلاق المفاوضات بالدوحة عاصمة قطر .وبعيدا عن رد الفعل الكلامي لقطر التي تحتضن قاعدة أمريكية على اراضيها. و بغض النظر عما يروح من اشاعات حول انطلاق القصف من تلك القاعدة . وحيث أن الأمور غالبا ما تبقى سرية فان ما يمكن استنتاجه من عدم وضوح التصريحات الأمريكية ، ان الضربة الاسرائيلية كانت بضوء أخضر امريكي ومباركة غربية
لكن امريكا تحت ضغط الاستنكار العربي والدولي.
أضطرت لوصف الضربة بأنها “حادث مؤسف” وأفادت وسائل اعلام أن الرئيس ترامب “يختلف” مع اختيار الموقع، احتراما للعلاقات مع قطر:
و الناطقة باسم البيت الأبيض آنذاك ، قالت إنه “لم يكن يُنظر إلى أن القصف داخل قطر يخدم أهداف إسرائيل أو أمريكا” وأنها أبلغت إسرائيل بذلك.
الولايات المتحدة، إن لم تدعم الضربة علنًا، فقد عبّرت عن استيائها ودعت إلى التهدئة، قائلة إنها “لم تكن سعيدة” بها. وربما انها كما علق البعض ، أصابها الحزن لكون الشخصيات الفلسطينية المستهدفة سلمت من الضربة .
وقد أشارت بعض التقارير إلى أن امريكا أبلغت قطر جزئيًا و بوقت قصير قبل أو أثناء الضربة مما يعني أن امريكا كانت على وفاق مع اسرائيل .، لكن قطر أنكرت ذلك، ربما حتى لا تتهم بالتواطؤ مع عملية الاغتيال
و من جهته ، فقد اقتصر مجلس الامن على اصدار بيان لادانة الضربة و دعا إلى التهدئة، وتضمّن نقدًا ضمنيًا لإسرائيل، والغريب ان الولايات المتحدة دعمت البيان رغم علاقتها القوية مع إسرائيل. ربما لابعاد الحرج وتهم التواطؤ..
اما مفاوضات القاهرة التي كانت هذه المرة مباشرة تحت قيادة السيد الرئيس دونالد ترامب . فقد سلمت من صواريخ وقذائف اسرائيل التي لانضيع اي فرصة لاستئناف عرس الدم الذي تمارسه على ارض فلسطين . فباستثناء الحادث الذي اودى بحياة ديبلوماسيين قطريين فمفاوضات القاهرة لم تتعرض لاي عدوان اسرائيلي مسلح . ولكنها كانت تحت قصف التصريحات الاسرائيلية التي تهدف إلى عرقلة التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وعندما تم التوقيع على اتفاق شرم الشيخ . شرعت اسرائيل في افتعال الاسباب للتنصل من الاتفاق . مثل استمرار القتل في غزة والضغة . واغلاق المعابر ومسأل تسليم الجثامين.
لكن هل يصمد اتفاق شرم الشيخ امام مناورات اسرائيل ؟ من جمع المعلومات والتحليلات، يمكن تقديم الاحتمالات التالية:. الولايات المتحدة هي المرخص لاسرائيل بكل ممارساتها . وان لم تاذن صراحة بالضربة على مفاوضي قطر فإنها حذرت اسرائيل من كل تصرف خطير يمس حساسية ديبلوماسية جد عالية . عندما يكون الموقع هو دولة وسيطة قوية مثل مصر.
. يظهر ان امريكا أكدت لاسرائيل ان تنفيذ اي عملية مشابهة في مصر محمل باخطار لا بد من تلافيها ، فالامر يختلف عن قطر .حيث ان مصر طرف مؤثر ولها أهمية أمنية وسياسية كبيرة، وضربة على أرضها قد تسبب أزمة دبلوماسية كبيرة متعددة الابعاد والاخطار … فغياب الضربة في القاهرة لا يدل على أن أمريكا رفضت فقط . بل عن إدراك اسرائيل أن الخطر الناتج من قصف شرم الشيخ او القاهرة سيكون أكبر من أي مكسب عسكري أو سياسي، فاختارت إسرائيل عدم المجازفة، حتى لو كانت تعلم أن اشنطن دائما وكعادتها متسامحة معها .
مما سبق يظهر بان اتفاق شرم الشيخ معرض للخرق في اي لحظة . عندما تجد اسرائيل الفرصة الملائمة . وان لم تجدها فإنها قادرة على افتعالها . فهي متعودة على أن لا تعيش في راحة الا اذا كان صبيب الدماء الذي تحدثه عالبا .
فلننتظر الاسابيع المقبلة لنحكم على مدي التزام اسرائيل . بل وعلى نواياها ومخططاتها برفقة امريكا .التي تتاسف لكون خريطة اسرائيل صغيرة !!!
