ليلى حراتي
في زوايا الظل، بعيداً عن بهرجة الأضواء، تتشكل ملامح نعيمة حناف، الكاتبة المغربية القادمة من نبض الدارالبيضاء، والمستقرة بروحها وإرادتها في مدينة الصويرة، حيث تزاوج بين مهامها كإطار بوزارة الداخلية ورسالتها الأعمق كفاعلة جمعوية تحنو على أطفال الشوارع وضحايا العنف، وتزرع الأمل في تفاصيلهم الصغيرة.
أم لأربعة مهندسين، لكنها لا تتردد في الاعتراف أن خامس أبنائها هو ذاك الوليد الذي يجمع بين نبض العمل الجمعوي ووهج الكتابة، حيث تجد فيه متنفسها وهامشها الإبداعي الذي يعيد إليها توازنها وسط صخب الحياة.
رغم بداياتها المتأخرة، التي فرضتها مسؤوليات الأمومة والوظيفة والالتزامات، لم تمنعها الأيام من أن تخط طريقها بثبات.
أصدرت ديوانها الزجلي «خربوشة»، حيث تعيد كتابة وجع النساء بصوت مشاغب وساخر، كما اعتلت الخشبة عبر مسرحيتي «الكاوية» و«التفلية بالمعقول»، الأخيرة عرضت في مارس المنصرم على خشبة المركب الثقافي سيدي بليوط، بتوقيع إخراجي للفنانة بهية مرتضى.
ليس المسرح وحده من شهد على نبضها، فقد جابت نعيمة مدن الدارالبيضاء، مراكش، الصويرة، وبنكرير، تؤطر ورشات الكتابة، تنفخ الروح في أقلام تبحث عن صوتها الأول، وتقاسمهم سر الصنعة في هدوء يشبهها.
يصفها البعض بـ«المناضلة الصامتة»، وآخرون بلقب «الدق والسكات»، وبين اللقبين تتأرجح حقيقتها، امرأة تشتغل في الظل، لكن أثرها يلمع في العلن.
قارئة نهمة، لا ترتوي إلا بمزيد من الحرف، وفي كل مرة، تخرج من عزلتها الإبداعية بعمل جديد يثبّت حضورها في المشهد الثقافي، دون أن تتخلى عن خفرها وابتعادها المقصود عن دائرة الضوء.
نعيمة حناف، نموذج لامرأة تكتب لتتنفس، وتبدع لتعيش، وتشتغل لتبقى واقفة في زمن يمتحن الثبات.