ليلى حراتي
مرة أخرى، يعيد مهرجان كناوة طرح سؤال محرج حول احترام التعدد اللغوي بالمغرب. فرغم مرور 26 سنة على تأسيسه، يواصل المهرجان تغييب اللغة الأمازيغية عن ملصقاته الرسمية، مكتفياً بالعربية، الفرنسية و الإنجليزية. وهو تغييب يثير الاستغراب في ظل السياق الدستوري الذي أقر منذ 2011 رسمية الأمازيغية إلى جانب العربية.
استمرار إدارة المهرجان في تجاهل هذا المعطى الدستوري لا يمكن اعتباره مجرد سهو أو خطأ غير مقصود. بل هو، في نظر كثيرين، إقصاء صارخ لمكون أساسي من الهوية المغربية، خاصة وأن الثقافة الكناوية نفسها تجسد روح التعدد والانفتاح الثقافي.
يتحدث منظمو المهرجان عن الاحتفاء بالتنوع الثقافي، غير أن الواقع يكشف تناقضاً بين الخطاب والممارسة. فكيف يُرفع شعار الانفتاح، بينما تُقصى لغة رسمية تعبر عن شريحة واسعة من المجتمع المغربي؟
احترام اللغة الأمازيغية في الفعاليات الوطنية لم يعد خياراً شخصياً أو مسألة تجميلية، بل التزام قانوني ودستوري وأخلاقي. وقد أصبحت معظم المهرجانات الكبرى في المغرب تعتمد الكتابة بالأمازيغية إلى جانب العربية والفرنسية، تعزيزاً لقيم المواطنة والهوية المشتركة.
وفي هذا السياق، يطالب المهتمون إدارة مهرجان كناوة بالتحرك الفوري لتصحيح هذا الخلل، عبر إدماج اللغة الأمازيغية في جميع وسائط التواصل الخاصة بالدورة الحالية، من ملصقات رسمية إلى برامج ونشرات إعلامية. كما يوجهون دعوة للسلطات الوصية لمراقبة مدى التزام المهرجانات الوطنية بالمعايير الدستورية، ضماناً لحق المغاربة في رؤية تنوعهم الثقافي معبَّراً عنه في كل الفضاءات الرسمية.
إن الثقافة المغربية لا تختزل في لغتين فقط، بل تزدهر بحضور الأمازيغية، كعنصر أصيل ومؤسس للهوية الوطنية.









