في خطوة نوعية ترمي إلى تحسين أوضاع الأشخاص المسنين وتطوير الخدمات الاجتماعية المقدمة لهم، شهدت مدينة الدار البيضاء، يوم الأربعاء، توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين كتابة الدولة المكلفة بالإدماج الاجتماعي، وولاية جهة الدار البيضاء – سطات، والمجلس الجهوي للجهة، وذلك خلال لقاء جهوي نظم تحت شعار:
“من أجل رؤية مبتكرة ودامجة لكبار السن: تعزيز الحماية، دعم المشاركة وترسيخ القيم.”
وتندرج هذه المبادرة في إطار سلسلة اللقاءات الجهوية الرامية إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه فئة المسنين، واقتراح حلول مبتكرة وشاملة لتعزيز مكانتهم داخل المجتمع، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية، ومضامين البرنامج الحكومي 2021-2026، وكذا التزامات المملكة المغربية الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، وخاصة كبار السن.
في كلمته خلال اللقاء، أكد السيد عبد الجبار الرشيدي، كاتب الدولة لدى وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، المكلف بالإدماج الاجتماعي، أن المغرب يشهد تحولاً ديمغرافياً متسارعاً، مشيراً إلى أن عدد الأشخاص المسنين بلغ 5 ملايين نسمة سنة 2024، مع توقعات بتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2050.
وشدد الرشيدي على أهمية هذه اللقاءات في رصد الحاجيات الحقيقية لكبار السن، والعمل على صياغة سياسات عمومية دامجة وتشاركية، تأخذ بعين الاعتبار التفاوتات المجالية وتحديات المجتمع المحلي.
من جانبه، نوه السيد عبد اللطيف معزوز، رئيس مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، بأهمية التنسيق الجهوي لتعزيز الحماية الاجتماعية لكبار السن، مؤكداً أن الجهة تسجل تزايداً مستمراً في عدد السكان المسنين، مما يفرض ضرورة إطلاق تدخلات فعالة في مجالات الخدمات القريبة، والبنيات التحتية الاجتماعية، والدعم النفسي والصحي.
كما شدد معزوز على ضرورة تقوية التضامن بين الأجيال من خلال تنظيم حملات تحسيسية، وبلورة برامج ثقافية وترفيهية مخصصة لهذه الفئة، مع ضرورة تثمين خبراتهم وتوظيفها في نقل المعارف والتجارب للأجيال الصاعدة.
وقد عرف اللقاء مشاركة واسعة لممثلين عن القطاعات الحكومية والبرلمان، وخبراء في المجال الاجتماعي والديمغرافي، إلى جانب ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ومؤسسات تُعنى بشؤون الأسرة وحقوق الأشخاص في وضعية هشاشة.
وخلصت النقاشات إلى جملة من التوصيات، أبرزها:
-
تعزيز التنسيق بين الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني؛
-
تسريع وتيرة تعميم الحماية الاجتماعية لكبار السن؛
-
دعم البرامج الجهوية والمحلية الموجهة للمسنين؛
-
ضمان إشراكهم في مختلف مراحل اتخاذ القرار العمومي؛
-
تعزيز التكوين المهني للعاملين في مجال الرعاية الاجتماعية للمسنين.
تأتي هذه المبادرة في سياق وطني يتجه نحو نموذج تنموي جديد يجعل من الكرامة الإنسانية جوهر السياسات العمومية، ويعترف بحقوق الأشخاص المسنين كجزء لا يتجزأ من العدالة الاجتماعية.
ويُرتقب أن تُترجم هذه المذكرة إلى خطط عمل عملية على المستوى الجهوي، تشمل برامج الرعاية، والتكوين، والتمكين، مع الحرص على مبدأ الإدماج الكامل والفعال لكبار السن في الحياة المجتمعية.